زنجبار... إبداع الخالق وأثر الإنسان (3)
| سوق دراجاني - جزيرة زنجبار |
يشتغل أغلب سكان زنجبار في الزراعة
والصيد، إلى جانب قسم آخر يعمل في المجال السياحي إما في النقل أو الفندقة أو
تجارة التحف والمصنوعات التقليدية وغيرها من الخدمات، ومن أشهر الأسواق الشعبية
سوق "درجاني" و "كويريكوي" وهذا الأخير متخصص في الخضر
والفواكه والمواد الغذائية، بينما نجد في "درجاني" مختلف السلع وهو
يتربع على مساحة كبيرة جدا ويقصده مئات الباعة يوميا، وهو مقصد سياحي للعديد من
السياح الذين يحبون الاختلاط بالسكان المحليين والغوص في يومياتهم ومراقبة علاقاتهم
ومعاملاتهم عن قرب، وفي هذا متعة وفرجة يغفل عنها البعض، حيث أن أهل الجزيرة تجدهم
على طبيعتهم ويتعاملون بسجيتهم مع كل من يمر بهم وهم مع طيبتهم وخفة ظلهم لا
يدخرون جهدا لاقناعك بكل إلحاح ولطف ! لشراء
بضاعتهم، وإن سرت وتركته ودعك بابتسامة الرضى والقناعة، تتعالى أصوات الباعة وتكثر
حركة العربات التي يجرها شباب مفتولي العضلات، ينبهون من أمامهم بصوت غريب وذو
دلالة سيئة في بعض المجتمعات المسلمة حيث (يبسبسون) في نداء يشبه الذي يستعمله
الشاب لاسترعاء انتباه فتاة – بيست بيست – ، والأعجب أنهم يشقون جموع المتسوقين
بسرعة جنونية ومع ذلك نادرا ما يصطدمون بأحدهم، وحتى لو اصطدموا فغالبا ما تكون
الابتسامة رسالة اعتذار تقابلها ابتسامة غفران !! هكذا بكل
بساطة..
ويلحظ فرق بين سوق الخضر وسوق
الملابس والأغراض المتنوعة حيث أن الأول يتميز بهدوء نسبي، فتجد البائع يجلس فوق ! الطاولة بجانب خضره وفواكهه وقد تأخذه سنة
نوم وهو مستلقي، وتجري الأمور بكل سلاسة وطمئنينة، بينما تتعالى أصوات الباعة
المتمركزين أو المتجولين في سوق الملابس ومختلف الأغراض ويكثر الزحام والتدافع،
وقد اعتمد الباعة مؤخرا بدعة سيئة للترويج فأصبحوا يستعملون مكبر صوت فيه مسجل
يحفظ عبارة يقولها صاحبها فيظل يرددها طوال النهار وبصوت مرتفع يصم المارة..
| سوق السمك - دراجاني - زنجبار |
وقفت مرة أمام بائع سمك فسألت عن ثمن
الكيلو فقال مستغربا أنا لا أبيع بالكيلو، فقلت كيف إذن؟ قال أنت تختار ما تشاء
ونحدد السعر بعد ذلك، وإن كانت حوتا كبيرا أقطع لك منها ما تحتاج ثم نتفق على
سعرها !! بكل بساطة وأريحية، ولاحظت نفس الشيء عند
باعة الفواكه فأغلبهم يضع أمامه مجموعات شبه متناسقة من الفاكهة وعليك أن تختار ما
تشاء بنفس السعر، وإن رأيت بأن سعر الفاكهة مرتفع يمكنك التفاوض لتخفيضه !!، في السوق أمور تدعوك للحيرة وأخرى تجبرك على الضحك ومنها أن
البائع قد تجده مستغرقا في النوم فوق طاولته في أول النهار، أو تجد أحدهم يبيع
بضعف سعر جاره مباشرة، لكن هذا لا يعني أن الباعة يخفضون أسعارهم بسهولة عند
المفاوضة فأحيانا يتعنتون ولا ينقصون أي "شيلينغ" ولو مجاملة !.
مما أدهشني وهو أمر عادي في الحقيقة ما وجدته من
خضروات، فقد كنت أعتقد أني لن أجد في تنزانيا البطاطا والفلفل الأخضر والطماطم
والبصل واليقطين وو...، وكنت أتصور أن لهم خضروات استوائية خاصة مثل فواكهم وأن
أطباقهم لا تحتاج إلى الخضروات التي عندنا، لكن أطباقهم رغم تشابه المكونات إلا أن
مذاقها مختلف تماما ولعل ذلك يرجع إلى الكم الهائل من التوابل التي يستعملونها
وأغلبها لا نعرفها.
ومما يشد الانتباه في أسواقهم ودكاكينهم الصغيرة
والكبيرة وجود المرأة سواء الإفريقية أو من أصول هندية، فمثل الزراعة يعتبر عمل
المرأة في التجارة أمرا عاديا مع التزامها بحجابها طبعا، كما أن للأطفال حصتهم من
السوق فهم غالبا ما يتجولون حاملين على رؤوسهم بعض الفواكه أو المصنوعات اليدوية
البسيطة، أو يشقون صفوف الناس لبيع ما في أيديهم من أكياس فارغة لحمل الأغراض.