زنجبار...إبداع الخالق وأثر الإنسان (4)
العمانيون مروا من هنا...
![]() |
| قصر الساحل الذي بناه السلطان "سعيد البوسعيدي" - زنجبار |
وهب الله تعالى للأفارقة جنة هي
"زنجبار" تكون لهم سكنا في دنياهم ومثلا لما سيجدونه ثوابا في أخراهم –
إن هم أحسنوا عملا – وزاد فوق هذا أن جلب إليهم قوما لا يحسنون غير التشييد
والتعمير "العُمانيون"، فكان نزول العمانيين شرق إفريقيا (من جنوب
الصومال شمالا مرورا بكينيا وتنزانيا – بجزرها – وصولا إلى زامبيا والموزمبيق
جنوبا وإلى أوغنده وروانده وبورندي والكونغو وغيرها... ناحية الغرب) كالغيث بركة
وخيرا على أهلها الأصليين ومستوطنا جديدا رغيدا للوافدين الذين أتو من شعاب عمان
الوعرة المقفرة...، وفروا من شرور الفتن والحروب المستعرة، كان مقصد أوائل
العمانيين التجارة والدعوة إلى الإسلام بسلوكهم وأخلاقهم، فكان لهم ذلك، وبعد سنين
من حكم العمانيين لشرق إفريقيا من "مسقط" جاء أحد أبرز سلاطينهم
"سعيد بن سلطان البوسعيدي" لينقل عاصمة سلطنته من مسقط إلى زنجبار
فاتخذها عاصمته وأصبح يحكم منها شرق إفريقيا وعمان،وازدهرت زنجبار وما
يليها من بلاد الزنج أيما ازدهار وقويت خلال فترة حكمه وحكم أولاده التجارة
والصناعة والزراعة وأصبح ميناء زنجبار – ولا يزال – نقطة عبور رئيسة إلى كل دول
إفريقيا..، وغدت خيرات الجزيرة من "قرنفل" و "نرجيل" وسمك
بأنواعه وخشب تصل أطراف العالم تحدث عن حضارة قامت ودولة عدل نهضت في أقاصي
إفريقيا !! حيث الجهل والمرض والفقر كانوا يعيشون في
طمأنينة ! حتى جاء من يطردهم، فالفضل الأول يرجع
للعمانيين الأوائل ولكن السلطان "سعيد" جاء ليتمم المكرمة فأقام الحضارة
وأسس لدولة حديثة وجاء مِن بعدِه أبناؤه فساروا على نفس النهج..

وأجروا نهرا من شرق
الجزيرة ليسقوا غربها ونشروا العلم واستقدموا من ينشر الدين القويم ويحفظ أبناءهم
الذكر الحكيم...، كل هذا وأكثر لم يشفع لهم بل لعله كان سببا لإشعال نار الحقد
والحسد والبغضاء في قلوب الأهالي السكان الأصليين !
طفنا بقصور العمانيين ووقفنا نتأمل مليا ما كانت
عليه حياة الأمراء فأحسسنا وكأننا حملنا إلى غرناطة أو إشبيلية، وصلينا بمساجد
الجزيرة القديمة فكانت كل زاوية فيها تذكرنا بمساجد إحدى حواضر المسلمين في عهد
الأمويين والعباسيين...مع فارق في درجة التزيين والزخرفة، ودخلنا منازل بعض
العمانيين لإفطار في رمضان أو جلسة قهوة في شوال فاحتضنتنا بيوتهم وكأنها اشتاقت
لرؤيا من ألفت رؤيتهم قبل أن يطردوا، احتضنتنا بمجالسها العربية الخشبية ورفعتنا
في قمة السدة لتهدي لنا إطلالة ساحرة على أزقة المدينة وشاطئها، احتفت بقدومنا من
بابها المرصع بمختلف النقوش والأشكال التي عجزنا عن حصرها ولم نجد – فيما رأينا –
نقشة باب تشبه أخرى وكأنها بصمة تدل على أهلها فحسب.
أحزنني كثيرا حال الزنجباريين من أصول عمانية
فأغلب أبنائهم نسوا لغة أجدادهم وكادوا يفقدون دينهم، رغم حفاظهم الواضح على
تفاصيل تقاليدهم في ملبسهم ومأكلهم ومشربهم، والأشد إيلاما هو ما آلت إليه آثار
الحضارة العمانية،


